1- في حارة خلفية. .

كبدة احمد مازالت شهية كما كانت، الرويس مازال موجودا كقبيلة تقاوم لعنات الحرب والطبيعة ، مقاهي الجنوب مازالت تعطي على الحساب دون ان تدون ماتراكم ، مازلنا نصنع من كل الجدران ظلا لنرقص المزمار، (ودق الطبيلة.. سمرة وقيلة) ، عرق الفوال يصنع من الكدح تتبيلة للصباح، الحارة هي الحارة لا نطمئن الا حين ندخلها،  جسور مازال مزدحما برائحة القصيدة.. طفل يتعلم كيف يلف عمة لأول مرة. .   هل ستتغير جدة؟ ، جدة لا تتغير ياصاحبي ..
– لكنهم غيروا مكة !؟
– للبيت رب يحميه. .
ذاكرتنا تحفظ الاشياء، ذاكرتنا ملكنا نحن، غدا ستصبح صورا عظيمة داخلنا.. افلامنا تحصرها قلوبنا. .
يالله. . الذاكرة لعنة حين تصبح بهذا الحضور..                                                                            و جدة لن تتغير لان في الامام بحر ولان خلف البحر بحر من الطيبين الذين علموها  كيف تصبح سمراء ..
وفي الخلف جنوب يصنع من كل الاشياء عزفا  ولان الناس في الجنوب يتقنون اختراع الالحان من احزانهم الشتى..   جدة ياصاحبي لا تتغير. .تتغير الدنيا والملوك وتبقى جدة عزيزة بالفقر مدللة بالثراء. . ستبقى لكنها ستفنى..  حين نفنى ونحن الذين لايقبلون الانتهاء جذورنا الى الارض المئة. .( يواد جدة مهي حقنا بس،  جدة اصلا نحنا)  دموعنا انبتتنا  ، نحن اليتامى في احضان الامهات . .ستبقى هذه التي لم تنم،  تمارس رعاية الام _حواء_ لترعى كل هؤلاء .. تمارس وصية حواء ان تكون جدتنا، في الليل تحتضن الجياع وتبكي دمعهم. . في الليل تحتضن التائهين لتسير معهم. . تدور مع الدراويش.. تلهث خلف كل سقا ..  في الليل تستيقظ حواء لتسأل جدة هل رجع الناس الى الجنة. . ؟! فتبتسم جدة بالالم..

جدة التي تشبه فتاة ستاربكس، مشاغبة، تتهدل على البحر موالا ، لم تغير دماميل الشوارع ابتسامتها، هذه الحزينه.. اقسى من حزننا، هذه الفاتنة دون ان تهب ثغرها لاحد، اصلاحات الشوارع لاتتوقف وكأنها تتزين لغيرنا. . ذات يوم  كتبنا على الجدران أن الحب عذاب،   لم نفهم وقتها، وليتنا لم نفهم، وهل الحب سوى عذاب عذب،  التي تنسانا حين نغادر، ثم تذكرنا كل حين، هذه التي لا نستطيع ان نذهب عنها. .فقط نعود اليها .. وحين نغادرها تسقط أرواحنا كسقطة طلال الاخيرة..