عذابنا الأسمر لم ينقضي .. وأنت خلف القيد لا ملاك يأتي لك .. ولا امرأة تقول لها دثريني .. وأنت وحدك تنسل نفسك وأنت وحدك تضحك من الجندي الذي يراقبك ويتأكد من الزنزانة كل عشرة دقائق وتحزن عليه لأنه أسر لك بندمه على ترك الدراسة .. وأن والده مازال يرفض زواجه بالفتاة التي أحب ..
وحدك.. لست وحدك .. ثمة نحن أيضا مسجونون في أماكننا .. أحزاننا عليك ليست لك هي أحزاننا علينا أيضاً .. آه منا هل نحن ثقيلون على هذا العالم إلى هذا الحد .. هذا العالم لن تكفيه صفعة .. هذا العالم يحتاج نحيباً طويلاً .. ليس لكي يستيقظ .. بل لأنه مات ..
من أين يأتينا هذا العري ؟! ربما هذا ماورثناه من آدم .. العري ولونه المعجون من الأرض .. صار لون الشمس باهتاً وما عادت الأغنيات تغير رتابتنا .. أرى عينيك الخضراء من الدمع وقلبك الأبيض كالطهر .. كنت تنتظر حلما .. الحلم صار هزيمة مؤجلة ..
الآن أرى نفسي جباناً بما يكفي لأكرهني .. قذراً إلى درجة أن تفوح مني رائحة البكاء .. نحن لا نملك إلا البكاء .. أرى وجهي يتكشف بالزيف .. و وجه هذا العالم اللعين الذي يصنعنا كفقاعات الهواء لترفه عن أحدهم فقط .. أقف كلا شئ .. أخاف من اسمك .. لست شيطاناً لكنك حرٌ أكثر مما ينبغي .. أحس بهذا الخوف ثمة أشياء لا تقولها سوى الموسيقى .. (( الفقر .. الجوع .. المرض .. نحن نموت مغفرون بالوحل )) .. أحس بشعور الأم في رواية غوركي .. قلب ينبض بدقات مفزعة .. وحيداً .. حزيناً .. مستسلماً.. كمهزوم يبدو منتصراً .. أتذكر كل أدب السجون .. كل روايات البكاء .. يا صديقي نحن لم نخلق إلا للهزيمة .. يبقى شئ وحيد .. لا بد من شئ ..
هل أذنبت؟! .. لأن كل صلاتي صارت لهجاً باسمك .. الآن أفكر بالجنة أكثر من أي وقت مضى .. مالذي سيشفي كل هذا الألم .. من سيرد للأمهات قميص البعيدين .. تباً لكل الأشياء .. تباً لكل هذا الزيف .. الآن أحس بشعور طفل سوري يعاني قصف الفريقين .. أبدو مهزوماً أكثر .. وحيداً كهذا الكوكب (الجحيم) ..
كل الشعارات زيف.. يالله كن وحدك الحقيقة..