أشياء..

لا تخبروا بلفقيه ..

وسقطت عدن يا أبوأصيل .. لكن لا تخبروه وهو في سريره الأبيض .. لا تثقبوا قلبه بعدن مرتين .. حين غادرها  ذات يوم .. وحين تغادرنا هي الآن ..
لا تخبروا كل أجدادنا الذين حملوا تلك الصورة الجميلة عن عدن بالأبيض والأسود .. دعوهم يموتوا وهم يحملوها كذكرى فاتنة ..
أعلم أن عدن ستعود لأنها سحر الحياة الخالد الذي تغنيت به , ستعود بحق أشياء كثيرة أكثر من أن تحصى .. تسقط لكنها ستعود حتى لو كانت إضاءة القلب قد انطفأت  ..

إن ســحـر الحـيـاه خــــــالـد لا يــــــزول
فـعـــلام الشـــكـاه مـن ظـلام يحـــــــول
ثم يـأتي الصــباح وتــمـر الفــصـول ..؟
سـوف يـأتي ربيع إن تقــــــــضى ربـيع

 حين سافر أبي من الحبشة وهو لم يبلغ 15 عاماً نزل في عدن لأول مرة شاباً أسمر يانع بحث عن العنوان لكنه لم يجد حتى مل سائق التكسي وطلب من أبي أن يدخل أي بيت من بيوت عدن ويسألهم إن كان هذا بيت بامطرف , فإذا لم يكن هو فليستأذنهم بالدخول والراحة إلى أن يجد أهله وظل أبي في بيت أناس لا يعرفونه لمدة ثلاثة أيام , نفس الشئ صار مع جدتي حيث ضاعت في المطار وفاتت رحلتها فما كان منها إلا أن تتمسك بأي عدني لتظل في ضيافتهم أسبوع كامل , أحكي هذه القصص عن مدينة لا عن قرية , عن مدينة كانت تعتبر واحدة من عواصم مستعمرات التاج البريطاني مليئة بالغرباء والراحلين والقادمين لكنها ظلت كما هي وكما هو وجه العدنيات الجميلات , كان أبي يحكي لي عن العدنيات وكيف أنه أحب إحداهن ورغم أن روايات هذا الحب تعددت وتغيرت من كل مرة , لكني تأكدت أن أبي أحب عدنية في حياته السابقة .
أنا أيضاً أول امرأة جعلتني أنبهر بجمالها كانت عدنية تسكن مع أهلها في العمارة المقابلة لنا , أظن أني كنت في العاشرة وكانت تكبرني بأكثر من ثلاث سنين شاهدتها مرتين فقط ثم لم أعرف لماذا اختفت ولم تحصل أي صدفة سعيدة تجعلني أراها مرة أخرى ..وأصبت أنا وأبي بلعنة الحب التي تسمى عدن رغم أنا لم نعبرها كثيراً ..
 أرفع أمنية بأن تعود عدن , المهم أن تعود قبل أن ينتهي هذا العمر القصير .
بحق كل هذه الأشياء الجميلة :
أحلام اليساروالحب ..
المطربون الذين يزيدون كل يوم بعدد المغتربين ..
أثير إذاعة عدن ..
مقايل القات على البحر ..
الراقصات  بدراعة شفافة ..
الفتيات ينعشن شعورهن في الطرقات ..
فطائر البيوت في الصباح ..
أحلام عودة الآباء الذين لم يعودوا ..
شعور الرجال المخضبة بالحناء ..
الوجوه التي جاءت من كل تضاريس اليمن ..
السينما الباقية تقاتل عن الفن والحياة ..
مطعم السمك في صيرة ..
تمثال فيكتوريا ..
ساعة البغ بن ..
البارات التي لم يعد لها أثر ..
كل ألوان البحر من أول الأخضر إلى آخر الزرقة ..
المتحف الذي لايحوي إلا الأسلحة ..
الصهاريج ..
الطرقات المعبدة بالحجارة والليمون ..
ملعب 22 مايو الذي نسي الكرة ..
زحام الجسر ..
ساحل العشاق الوحيد ..
خرطوم الفيل ..
ضجيج المغتربين في الصيف ..
رائحة الفل في وسط السوق ..
خيم الحراك في الساحة ..
شعارات الجنوب على الأسوار ..
المقهى الصغير في عدن مول ..
الحلوى ..
العشار ..
شمسان ..
 
 
 
 
 
 
 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s